كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» عن هوية المتبرع السري الذي أثار جدلًا واسعًا داخل الولايات المتحدة بعد أن قدّم 130 مليون دولار لوزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» لتأمين رواتب العسكريين خلال فترة الإغلاق الحكومي الأخيرة، وكانت المفاجأة أن هذا المانح ليس سوى الملياردير الأمريكي تيموثي ميلون، أحد أبرز الداعمين الماليين للرئيس دونالد ترامب.
في وقت سابق من الشهر الجاري، أعلن المتحدث باسم البنتاجون، شون بارنيل، عن تلقّي الوزارة تبرعًا مجهول المصدر لتغطية رواتب أكثر من 1.3 مليون عسكري عامل، في ظل توقف مؤسسات حكومية بسبب تعثر الكونجرس في تمرير الموازنة الجديدة، وبحسب التقديرات، فإن المبلغ المقدم يعادل نحو 100 دولار فقط لكل جندي، ما أثار تساؤلات حول كيفية إدارة هذه الأموال.
وبحسب مجلة «فوربس»، ينحدر تيموثي ميلون من عائلة مصرفية عريقة، إذ يُعد حفيد توماس ميلون، مؤسس بنك «ميلون»، وحفيد وزير الخزانة الأمريكي الأسبق أندرو ميلون، وجمع ثروته من استثمارات في مجالات السكك الحديدية والبرمجيات، بعدما أسس شركة كمبيوتر في الستينيات، ثم استحوذ على خطوط نقل إقليمية في «نيو إنجلاند» عام 1981، ثم أدار لاحقًا شركة طيران قصيرة العمر حملت اسم «بان آم».
عُرف ميلون بكونه أحد أكثر الممولين سخاءً لحملات الحزب الجمهوري، وخاصة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ففي عام 2024، تبرع بمبلغ 50 مليون دولار للجنة السياسية «MAGA Inc»، بعد يوم واحد فقط من إدانة ترامب في قضية مانهاتن، ليصبح أكبر مانح سياسي في تلك الدورة الانتخابية.
والمثير في قصة ميلون أنه بدأ حياته متعاطفًا مع القضايا الليبرالية، فبعد تخرجه في جامعة «ييل» عام 1964، أسس مؤسسة تهدف إلى معالجة التفاوتات العرقية في التعليم والاقتصاد ونظام العدالة، كما صوّت للرئيس الديمقراطي ليندون جونسون في انتخابات 1964.
غير أن ميلون حلّ مؤسسته لاحقًا، محوّلاً دعمه إلى قضايا محافظة بعد أن خلص إلى أن الجهود الليبرالية «تتجاهل طبيعة السلوك البشري»، بحسب ما ورد في سيرته الذاتية.

يصف المقربون من ميلون حياته بأنها «منعزلة حتى عن حلفائه السياسيين»، إذ يعيش معظم وقته في مزرعته في ولاية وايومنج، ونادرًا ما يظهر للإعلام، وكانت وكالة «بلومبرج» قد أجرت مقابلة نادرة معه عام 2020، عقب تبرعه بـ10 ملايين دولار للجنة «America First Action»، حيث قال إن ترامب «أنجز ما وعد به أو حاول على الأقل».
وخلال الأعوام الأخيرة، ضخّ ميلون عشرات الملايين في مشاريع سياسية جمهورية، منها 53 مليون دولار لدعم مبادرة حاكم تكساس الجمهوري لبناء جدار حدودي عام 2021، و1.5 مليون دولار لمساندة ولاية أريزونا في الدفاع عن قانون مثير للجدل يتعلق بالهجرة.
وبحسب موقع «OpenSecrets»، تجاوز مجموع تبرعاته السياسية 165 مليون دولار في دورة انتخابات 2024 وحدها، ما يجعله أكبر ممول للحزب الجمهوري، متفوقًا على أسماء بارزة مثل ميريام أديلسون وإيلون ماسك.
يُشار إلى أن الإغلاق الحكومي الأمريكي بدأ في الأول من أكتوبر 2024 بعد فشل الكونجرس في إقرار الموازنة السنوية، ما أدى إلى شلل جزئي في المؤسسات الحكومية.
وقدّر رئيس المجلس الاقتصادي الوطني، كيفن هاسيت، أن استمرار الأزمة قد يتسبب بخسائر تصل إلى 15 مليار دولار أسبوعيًا من الناتج المحلي الإجمالي، وفي خضم هذا الجمود، جاء تبرع ميلون للبنتاغون بمثابة محاولة غير رسمية لتخفيف الأزمة.








