في صباحٍ هادئ من أيام أكتوبر، خرج ياسين، الطفل ذو الاثني عشر عامًا، من منزله داخل أحد الكمبوندات الراقية بالمعادي، متوجهًا إلى درسه، لم يكن أحد يتخيل أن تلك الخطوات الصغيرة التي خطاها خارج باب البيت، ستكون آخر ما يخطوه في حياته بعدما صدمته سيارة أثناء وقوفه على الرصيف بجوار عامل توصيل «دليفري».
تحكي والدته تفاصيل الساعات الأخيرة في حياة طفلها: «ياسين ابني الوسطاني، أطيبهم واحنّهم عليا أنا ووالده، كان دايمًا يساعدني من غير ما أطلب، يوم الحادث كان سهران لحد الساعة اتنين الفجر بيذاكر، وصحى بدري عشان يروح الدرس، قبل ما ينزل قالّي يا ماما أنا جعان، عملتله سندوتشين ياخدهم معاه، لما رحت المشرحه شُفتهم في شنطته، لسه متاكلوش ملحقش ياكلهم».
كان الطفل ياسين -حسب رواية والديه- يقف على الرصيف بجوار أحد عمال التوصيل، يتحدث معه عن دراجته «الاسكوتر» -الُمعطلة منذ عدة أيام- وإذ بقائد إحدى السيارات الملاكي يفقد السيطرة على مركبته، ويصعد بها إلى الرصيف ويدهس الطفل بقوة، ما تسبب في اصطدامه بسيارة أجرة ثم بحافلة كانت متوقفة على جانب الطريق، وأكدت والدته، في روايتها عن الحادث، أن نجلها لم يكن له أي ذنب فيما حدث، قائلة: «ابني ماكنش ليه ذنب في أي حاجة، ده كان واقف على الرصيف بس».
تلقت والدة ياسين اتصالًا يخبرها بوقوع حادث، فسارعت إلى موقعه عند وصولها، كانت سيارات الإسعاف قد نقلت نجلها المصاب، فيما وقف المتهم محاطًا برجال الشرطة، سيطر الصمت على المكان، ولم تتمالك الأم نفسها من الصراخ، وهي تواجه المتسبب في الحادث الذي ظل صامتًا، ملامحه جامدة كأنها بلا حياة على حد وصفها «صرخت فيه وقلتله موتلي ابني ليه».
وبينما تنظر اليوم إلى صورة طفلها المعلقة على جدار المنزل، تهمس بحزنٍ عميق أن شيئًا لن يعيده، لكنها لا تكفّ عن الدعاء بأن تظل صورة ياسين حاضرة في ذاكرة المتهم، تطارده في كل لحظة، كما يطاردها ألم الفقد كل يوم «مفيش حاجة هترجعلي ابني، بس بدعي صورة ياسين تفضل ملازماه طول حياته، وضميره يعذبه زي ما أنا بتعذب كل لحظة».
عقب الحادث، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط سائق السيارة المتسبب في الواقعة، وتم التحفظ عليه في موقع الحادث، بينما تولت النيابة العامة التحقيق، وجرى فحص السيارة والتحفظ عليها كدليل في القضية، كما استمعت جهات التحقيق إلى أقوال شهود العيان، الذين أكدوا أن المتهم كان يقود بسرعة كبيرة وفقد السيطرة على المركبة قبل أن تصعد إلى الرصيف وتصدم الطفل.








