الفن والثقافة

في ذكرى رحيل أنيس منصور.. سندباد الأدب وفيلسوف الصحافة

تمر اليوم الثلاثاء ذكرى رحيل الكاتب والأديب والفيلسوف الكبير أنيس منصور، أحد أبرز رموز الثقافة والفكر في مصر والعالم العربي، الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من عام 2011 عن عمر ناهز 87 عامًا، بعد رحلة حافلة بالعطاء الأدبي والفكري والصحفي امتدت لعقود طويلة، أثرى خلالها المكتبة العربية بمئات المقالات وعشرات المؤلفات في مجالات الأدب والفلسفة وأدب الرحلات.

وُلد أنيس منصور بمحافظة الدقهلية، ونشأ في قرية صغيرة قرب مدينة المنصورة، حيث حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة بكتاب القرية، وتأثر كثيرًا بالريف المصري وحياة الغجر الذين كانوا يزورون قريته من حين لآخر، وقد عرف منذ طفولته بالنبوغ والتفوق، فكان الأول على مستوى الجمهورية في المرحلة الثانوية، والتحق بكلية الآداب جامعة القاهرة قسم الفلسفة برغبته، وتخرج فيها عام 1947، ثم عمل أستاذًا للفلسفة الحديثة بجامعة عين شمس حتى عام 1963، قبل أن يتفرغ للكتابة والعمل الصحفي والإبداع الأدبي.

تأثر منصور كثيرًا بعباس محمود العقاد، وكان من رواد صالونه الأسبوعي الذي سجل ذكرياته عنه في كتابه الشهير في صالون العقاد كانت لنا أيام، والذي وثّق فيه ملامح جيل كامل من المفكرين والكتّاب المصريين في النصف الأول من القرن العشرين.

بدأت مسيرته الصحفية في مؤسسة أخبار اليوم، وانتقل بعدها إلى الأهرام عام 1950، حيث واصل مسيرته المميزة في العمل الصحفي، وتولى رئاسة تحرير العديد من المجلات من بينها أكتوبر، الجيل، العروة الوثقى، آخر ساعة، هي، و«الكاتب»، كما شغل منصب رئيس مجلس إدارة «دار المعارف» وأصدر من خلالها مجلة «الكواكب».

وعلى مدار سنوات، حافظ الكاتب الكبير على عموده الصحفي اليومي في الصفحة الأخيرة من جريدة الأهرام بعنوان «مواقف»، الذي ظل من أكثر الأعمدة قراءة وتأثيرًا، وكان يقدم فيه خلاصة آرائه وتأملاته في الحياة والمجتمع والفكر والسياسة بأسلوب بسيط وعميق في آن واحد.

امتاز أنيس منصور بثقافة موسوعية واسعة، إذ أتقن عدة لغات منها العربية والإنجليزية والألمانية والإيطالية والفرنسية والروسية، ما أتاح له الاطلاع على آداب العالم وفلسفاته، وترجمة العديد من الأعمال الأدبية والمسرحية الأجنبية إلى العربية، من أبرزها كتاب “الخالدون مائة أعظمهم محمد” لمايكل هارت.

ويُعد أنيس منصور من رواد أدب الرحلات في العصر الحديث، ومن أشهر كتبه في هذا المجال «حول العالم في 200 يوم»، الذي صدر عام 1963 ولاقى نجاحًا كبيرًا في مصر والعالم العربي، إلى جانب مؤلفات أخرى مثل «أطيب تحياتي من موسكو»، «بلاد الله لخلق الله»، «أعجب الرحلات في التاريخ».

كما اشتهر بكتاباته في عالم ما وراء الطبيعة، فقدم كتبًا لاقت رواجًا واسعًا مثل «الذين هبطوا من السماء»، «الذين عادوا إلى السماء»، «أرواح وأشباح»، و«لعنة الفراعنة».

كتب منصور أيضًا للمسرح والتلفزيون، وتحولت عدد من أعماله إلى أفلام ومسلسلات درامية ناجحة من بينها «من الذي لا يحب فاطمة»، «عريس لفاطمة»، «غاضبون وغاضبات»، «هي وغيرها»، و«يعود الماضي يعود».

كما كتب للمسرح أعمالًا منها «حلمك يا شيخ علام»، «جمعية كل واشكر»، «الأحياء المجاورة»، و«مين قتل مين؟».

نال الأديب الكبير خلال مسيرته العديد من الجوائز والتكريمات، من أبرزها جائزة الدولة التشجيعية في الآداب عام 1963، وجائزة الدولة التقديرية عام 1981، وجائزة مبارك في الآداب عام 2001، إلى جانب الدكتوراه الفخرية من جامعة المنصورة، وجائزة الفارس الذهبي من التليفزيون المصري لأربع سنوات متتالية، كما فاز بلقب الشخصية الفكرية العربية الأولى من مؤسسة السوق العربية في لندن.

توفي أنيس منصور صباح الجمعة 21 أكتوبر عام 2011 بعد إصابته بالتهاب رئوي، أثناء كتابته لمذكراته التي كان حريصًا على إنهائها قبل وفاته، وشيعت جنازته من مسجد عمر مكرم وسط حضور كبير من رجال الإعلام والثقافة والفن والسياسة.

ويبقى أنيس منصور علامة بارزة في الأدب والفكر العربي، بما تركه من تراث فكري وأدبي ثري، يجمع بين الفلسفة والأدب والرحلة والحياة، واسمًا خالدًا في سجل المبدعين الذين أثروا الوعي الإنساني لعقود طويلة.

اقرأ أيضاًفي ذكرى ميلاده الـ101.. أنيس منصور جمع بين الأسلوب الفلسفي والأدبي الحديث

ذكرى ميلاد أنيس منصور.. محطات في حياة «فارس الصحافة الذهبي»

Leave A Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Related Posts